أمم أهل الذمة – عبد الحميد دشتي
في حقيقة الامر ومع معرفتنا بكواليس الامم المتحدة ولوبياتها منذ انشائها، لم يكن رفع اسم " التحالف " بقيادة المهلكة السعوديوهابية لقتل اطفال اليمن عن القائمة السوداء مستغرباً بقدر استغرابنا من ادراج الاسم، على الرغم من ان الكثيرين خدعوا بهذا. لكن هناك دائماً
( ما وراء الأكمة ) الذي يدفع للبحث عن الدوافع والاسباب اولاً لإدراج التحالف، والآن لرفعه.
ان تاريخ هذه المنظمة الدولية الاسود منذ ان كانت " عصبة " تجاه الشعوب المقهورة حافل بالمواقف المخزية بقراراتها التابعة لقوى الاستكبار الظلامية التي انشأتها لتكون ناطقاً رسمياً لها وغطاء لممارساتها العدوانية تبعاً لمصالحها، فهي - اي الدول الكبرى - بحاجة الى بوق المنظمة الدولية لتسوغ جرائمها امام شعوبها - دافعة الضرائب - وهي شعوب تشاهد يومياً المجازر التي ترتكبها السعودية في اليمن وسوريا والعراق، وقد اذهلهم ما شاهدوه من تقتيل متعمد للاطفال وهم الاكثر اثارة للمشاعر الانسانية التي يخشى منها اصحاب القرار خصوصاً عشية استحقاقات انتخابية رئاسية كالتي تعيشها اميركا التي خططت ونفذت ادارتها الحالية مع السعودية هذا العدوان الهمجي، الذي يبدو في ظاهره انه عبثي، لكن الذين يعرفون جغرافية اليمن وثرواته الطبيعية والتطورات التي تؤهل اليمن لامتلاك قراره، يعرفون انه فيما لو بقي موحداً - وسيبقى - وفي ظل قيادة واعية ومستقلة عن الهيمنة الاميركية - السعودية، يعرفون انه مخطط مدروس دراسة وافية في الغرف السوداء الاميركية التي تقاطعت مصالحها مع مملكة الارهاب التي تعتبر ان " خيرها وشرها في اليمن" كما قال مؤسسها المقبور عبد العزيز.
وقد تزامن هذا العدوان مع المستجدات في الملف النووي الايراني التي ارعبت المنطقة برمتها. واذا تحدثنا في هذه العجالة عن العدوان فإنه سيأخذنا الى عودة اليمن السعيد بثرواته المستقبلية الهائلة والتي يعرفها الغرب منذ زمن بعيد، كما سيأخذنا الى اعادة رسم خريطة اليمن الموحد بعد استعادة نجران وجيزان وغيرهما وصولاً الى عسير، هذا مع الجغرافيا القادمة للسعودية نفسها وتفتيتها لعدة دول اذا لم نقل امارات او مشيخات. وهذا يتطلب بحد ذاته دراسات وافية وهي موجودة في اقبية ودهاليز العالم الجديد.
وعودة الى قرار ادراج " التحالف " على القائمة السوداء - لاحظ ان القرار لم ترد فيه كلمة ارهاب، وتلطيفاً له تم الاكتفاء بكلمة " القائمة السوداء ". فقد تم اصداره في اطار سياسة " هز العصا " او كما يقول المثل الشعبي " قرصة اذن "
.. لماذا ؟
كل المعطيات التي توافرت للمتابعين الذين تم تسريب القرار لهم يؤكدون ان هناك خلافاً اميركياً سعودياً حول غنائم الحرب، وما التوترات التي سبقت القرار بين الدولتين الا مقدمة او في ابسط الاحوال مؤشر له.. لكن السعودية هنا استشعرت الخطر ليس من ادراجها على اللائحة السوداء فهي لا تعير اي اهتمام لمن تقتل وماذا تدمر، بل استشعرت الخطر من تبدل الموقف الاميركي فيما يتعلق بالحصص والمغانم خصوصاً وانها اشرفت على الافلاس جراء تمويلها للحروب والارهاب الذي نشرته في كل الدول العربية ووصل الى عقر دار اميركا والدول الاوروبية التي اصبحت من الدول القلقة على امنها والمتوجسة من الارهاب الذي ساهمت في تمويله والتسهيل له.
ولهذا صدر القرار الاممي لتحذير السعودية التي تلقفته كدرس لها بأن عليها ان تبقى في بيت الطاعة الاميركي.
ومن السهل هنا ان يجيش الاعلام الغربي لتغطية الاذعان السعودي وتسويغه وتبريره من خلال ما يتسرب عن ضغوطات سعودية وخليجية وحتى صهيونية على الامم المتحدة وامينها العام لرفع الاسم. مع التسليم بأن مثل هذه اللوبيات موجودة وتمارس دورها في كواليس الامم المتحدة، فهذا الامر لا يمكن انكاره او تجاوزه.
كما علينا ان لا ننسى ان هناك منظمات حقوقية ناشطة انشئت ليس فقط لتدافع عن الشعوب المقهورة والحريات وانما ايضاً لتراقب ما ترتكبه الامم المتحدة وتعريها، وقد اصبح صوتها مسموعاً عند الشعوب وله فاعليته في تحريكها حتى ولو لم تكن قراراتها ملزمة للانظمة.
يبقى ان نقول سواء كانت القضية اقداماً او تراجعاً من الامم المتحدة، فإن السعودية تتعامل مع هذا التطور كما تتعامل مع " اهل الذمة ". لكن الفرق انها هي التي تدفع الجزية وتقدم التنازلات وترضى بما قسمه العالم لها حتى لا تخسر كل شيء.