اليونيسيف : اليمن أسوأ مكان للأطفال في العالم
حين تصل منظمة كاليونيسيف إلى حدّ تصنيف بلد كاليمن على أنه أسوأ مكان للأطفال في العالم لنا أن نتخيّل حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء الذين يعدّون الضحايا الرئيسيين للحرب الدائرة في بلدهم منذ عامين ونصف
مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وأفريقيا جولييت توما تحدثت عن واقع أطفال اليمن عن أطفال أغمضوا عيونهم لكي يناموا لكن لم يستفيقوا مجدداً
ـ وفق معايير اليونيسيف متى يصنّف بلد ما على أنه أسوأ مكان للأطفال؟
الوضع في اليمن كارثي والتصريح بأن اليمن هو المكان الأسوأ للأطفال أتى بناء على مجموعة من المؤشرات التي رصدتها اليونيسيف لجهة عدد الأطفال القتلى والجرحى. على سبيل المثال قتل أكثر من 5 آلاف طفل. عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات بلغ 11 مليون طفل. المدارس مهدّمة
أيضاً لجهة عدد المستشفيات التي من غير الممكن استخدامها. المكان بشكل عام غير آمن. حتى أبسط الأمور مثل البيوت والأماكن التي من البديهي أن تكون آمنة للأطفال أصبحت مكاناً للموت مثل الملاعب والمدارس والمنازل. قبل بضعة أسابيع وصلت تقارير لليونيسف ورد فيها أن هناك أطفالاً ماتوا في أسرّتهم وهم نائمون. الصورة بشكل عام مأساوية والقيود والإغلاق الذي فرض على المنظمات الإنسانية في الأسابيع السابقة زاد من الوضع سوءاً
ـ خلال الأيام الماضية قيل إنه تمّ تخفيف القيود وجرى إدخال مساعدات. هل مثل هذه الخطوات كافية لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية؟
جولييت توما: خلال الأيام الماضية شهدنا بعض التحسّن وكانت هناك فسحة من الأمل. تمكنّا من إيصال طائرة إلى مطار صنعاء وكانت تحمل قرابة مليوني جرعة من اللقاحات التي نودّ أن نستخدمها لتلقيح الأطفال ضدّ الأمراض المميتة والقاتلة. جرى ذلك بعد جهد وأيّام من الإغلاق والقيود التي فرضت على تحركنا وعملنا الإنساني في البلد. لكن هذا غير كاف. هي بادرة حسنة لكنّها غير كافية. وكلّنا أمل بأن تتمّ الاستجابة لمناشدة اليونيسيف ودعوتها لفتح المعابر والمطارات والحدود من أجل تيسير وصول المساعدات الإنسانية للأطفال. ما نفعله هو غيض من فيض ونقطة في بحر. هل هذا سيحلّ الأزمة في اليمن؟ المساعدات الإنسانية ليس بإمكانها أبداً ولم تستطع منذ بداية عملها في الحروب والنزاعات أن تقوم بحلّ المشكلة. النزاع في اليمن هو نزاع سياسي والحلّ هو حلّ سياسي. لكن فيما يتقاتل الكبار واجبنا كمنظمات إنسانية مساندة الصغار وتقديم ما نستطيع تقديمه من مساعدات حين يسمح لنا. مساعدات إنسانية بسيطة تضمّد الجراح لكن لا تشفيها
ـ بعيداً عن الأذى الجسدي أي انعكاسات نفسية رصدتموها لدى أطفال اليمن؟
من الصعب جداً وصف شعور الأطفال في اليمن. فهم يمرّون بأصعب الصعاب. ما نلمسه من خلال عملنا على الأرض ومن خلال زملائي في اليمن هو الإصرار والعزيمة لدى هؤلاء الأطفال على متابعة الحياة والحصول على التعليم والخدمات. لكن القطاعات بشكل عام هي قطاعات منهارة. القطاع الصحي شبه منهار. المدارس مهدّمة الخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي تقريباً غير موجودة في ظلّ عودة وباء مثل وباء الكوليرا. الحياة اليومية جحيم في الواقع. كل هذا يترك تبعات وخيمة على نفسية الأطفال
في اليمن طفولة مسلوبة وأملنا في يوم من الأيام أن كل أولئك الذين يشنّون حرباً على الصغار لأن ما يجري في اليمن هو بالفعل حرب على الصغار أن يقوموا ولو للحظة بالتفكير بالأطفال وباليمن. لأنه سيأتي يوم وتنتهي الحرب لكن ما هو شكل اليمن الذي سيكون بعد انتهاء الحرب. يجب التفكير بذلك ولو للحظة قصيرة جداً
ـ في ظلّ هذا الواقع كيف يمكن اختراق جدار هذه الكارثة الإنسانية؟
تغطية الإعلام لموضوع اليمن لم تكن كافية. الأزمة في اليمن ليس بجديد. ما مضى هو ثلاث سنوات من اشتداد الحرب والعدوان لكنّ الأزمة تاريخها أطول من ذلك بكثير. لكن مجرد الاهتمام الذي حدث من قبل وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة هذا شيء مهم للغاية ويجب ألا نفترض كإعلاميين أو كعاملين في المجال الإنساني والطبي أن الناس يعلمون ما يجري. من هنا هناك حاجة كبيرة جداً لتسليط الضوء على الوضع بشكل عام
ما يمكن فعله هو ممارسة الضغوط على من يمكن ممارسة الضغوط عليه من أجل وقف الحرب. وبينما تستمر الحرب والعدوان يمكن تقديم المساعدات العينية لليمنيين من خلال التبرعات المادية للمنظمات الإنسانية وغيرها. لكن حتى لو استطعنا أن نحصل على الأموال في ظل استكمال القيود المفروضة على عملنا وحتى لو تمكنا من شراء الأدوية والمساعدات ومواد تنقية المياه وغيرها ففي حال تمّ إغلاق المطار لا نستطيع إيصال المساعدات إلى الأشخاص في الوقت المناسب. هناك حاجة للضغط على كل من يستمر في القتال من أجل وضع حدّ للحرب وفتح المعابر