غالب قنديل
تجاهر الولايات المتحدة باعتزامها مواصلة التدخل العسكري المباشر في سورية وتسعى لتكثيف هذا التدخل وتفعيله من خلال زيادة عديد قواتها العسكرية وشبه العسكرية غير المصرح به فثمة مئات من جنود القوات الخاصة قدر مؤخراً بألفي جندي وقيل في بعض التقارير عن وحدات خدمة هذا العديد تتخطى ألف جندي وفني هذا إضافة إلى عدد غير معلوم من وحدات المرتزقة ومئات المقاتلين ممن جرى التقاطهم من مواقع داعش وهم جميعاً باتوا في صفوف الوحدات العميلة التي يحركها ضباط أميركيون على الأرض السورية
الغاية الأميركية محددة ومعلنة بعنوانها العريض وهي الضغط على الرئيس بشار الأسد والسعي إلى التأثير على مسار الحل السياسي السوري الذي يتمسك الرئيس الأسد باعتباره شأناً وطنياً سورياً خاصاً وسيادياً رغم ما أبداه من مرونة حتى الآن في التعامل مع صيغ الحوار واللقاءات المتعددة التي تجري في الخارج وهي تفضح بوقائعها خطوط التدخل والضغط الأميركي السعودي المباشر للعرقلة والتعطيل والابتزاز رغم التأكيدات المتلاحقة عن نهاية الرهان على فرص محتملة لتعديل التوازنات الميدانية التي تميل كفتها بصورة حاسمة لصالح الجيش العربي السوري والدولة الوطنية السورية وحلفائها وهو ما يعترف به خبراء عسكريون ودبلوماسيون سابقون في مراكز الدراسات الأميركية
خلف الخطة الأميركية الضاغطة هواجس كثيرة أبرزها ما يوصف بالقلق داخل القيادتين السياسية والعسكرية للعدو الصهيوني الذي لعب دوراً نشطاً وبارزاً في دعم فصائل القاعدة وداعش مباشرة في الجنوب السوري ومن خلال العدوان العسكري المتواصل على الجيش العربي السوري لعرقلة تحركاته لاستعادة السيطرة على الأرض وتحرير المزيد من المناطق من سطوة العصابات الإرهابية
في صحافة العدو خلال الأيام القليلة الماضية أصداء خيبة ثقيلة واستشعار بالعجز عن التحكم بمسار الوضع السوري أو التأثير عليه بينما ترى فيه تل أبيب نهوضاً مقبلاً للقوة السورية العسكرية والسياسية على مستوى المنطقة وتأكيداً لتحالف سوري وثيق واستراتيجي مع حزب الله ومع كل من إيران وروسيا ويؤكد الخبراء والكتاب الصهاينة إن ما بذلته الدولة العبرية من جهود سياسية لم يفلح في انتزاع أي التزام أميركي بالضغط لصالح إبعاد هذه التحولات أو إبطائها إن كان منعها متعذراً ( وهو كذلك ) وتشمل الخيبة ذاتها كحصيلة جميع الجهود والمحاولات التي استهدفت التأثير على حرارة الشراكة والتحالف بين روسيا وسورية وقد اعتبرت القمة الأخيرة بين الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين صفعة لنتنياهو
في هذا المناخ يغدو مستقبل الموقف التركي النهائي أحد المفاصل المهمة في صياغة التوازنات السياسية والميدانية فمن الواضح أن أردوغان يتمايل بين القطبين الأميركي والروسي الإيراني لاختبار فرص تعزيز مكانته وتعويض خسائره بعد سقوط رهاناته في سورية طيلة السنوات السبع الماضية
توظف روسيا وإيران كتلة مهمة من المصالح المشتركة مع تركيا وتطرحان سلة حوافز كثيرة مستقبلية اقتصادية وسياسية ويبدو بالمقابل إن الولايات المتحدة تستند في نفوذها وتأثيرها على أنقرة إلى علاقات شراكة تاريخية راسخة الجذور وقامت على قاعدتها شبكة هامة من المصالح والعلاقات داخل بنية الدولة التركية بمستوياتها العسكرية والمدنية وباتت على مر العقود مثل كتلة الخيطان المتداخلة التي يصعب تفكيكها وهي مصممة على ضبط حركة أردوغان ضمن حدود لا تهدد انسجامه مع الخطط الأميركية لتصعيد التدخل ضد الدولة السورية ومن المنافذ البرية التركية بالذات
معركة سورية دفاعاً عن استقلالها تدخل فصلاً حاسماً والاستقطاب من حولها دولياً وإقليمياً يجتاز فصولاً دقيقة وحاسمة والأكيد أن الدولة الوطنية لن تفرط بسيادتها واستقلالها وستواصل التصدي لقوى العدوان مدعومة من حلفائها الكبار والهدف الوطني الأسمى سيكون جلاء القوات الأميركية والتركية عن أرض سورية وهو محور رئيسي للعمل السياسي السوري ولمبادرات المقاومة والتحرير التي ليست بعيدة عن التوقع لمن يعرف نبض الشعب السوري وحسه القومي العالي تاريخياً فهل تصح نبوءة روبرت فورد عن تكرار درس بيروت 1983 للقوة الأميركية الغاشمة ؟ الأكيد أن أحداً لن يرغم القيادة السورية ومحور المقاومة على تقديم التنازلات وقبول الضمانات التي يطلبها نتنياهو وهي في صلب التحرك الأميركي السياسي والعسكري وما رفضته سورية في بداية العدوان من مساومات وعروض لن ترضخ له بعد كل ما جرى بينما هي تتقدم في مسار انتصارها ونهوضها