بيان المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان بشأن حملة الاعتقالات القسرية الجماعية بالسعودية
في تطوّر غير مسبوق وخطير، أقدمت السلطات السعودية في الرابع من نوفمبر الجاري على اعتقال عدد من الأمراء والوزراء ونوابهم والتجار في إطار ما أطلق عليه مكافحة الفساد ، دون الالتزام بالأصول والقواعد المرعية وفقاً للقوانين والمواثيق ، فقد جاءت حملة الاعتقالات الجماعية التعسفية بُعيد صدور سلسلة من الأوامر الملكية من بينها تشكيل (لجنة عليا لحصر قضايا الفساد العام) برئاسة نجل الملك ، وولي العهد ، الأمير محمد بن سلمان
إننا في الوقت الذي نؤكد على ضرورة مكافحة الفساد المالي والإداري بكونه أحد معوقات التنمية المستدامة ، وسن قوانين صارمة لمنع التطاول على المال العام ، ووضع آليات رقابية للحيلولة دون وقوع التعديات على الثروات الوطنية ، نؤكد في الوقت نفسه على الفصل بين السلطات ، وتخويل السلطة القضائية وليس التنفيذية للبت في قضايا الفساد والقضايا المماثلة
إن الطريقة التي تمّت فيها الاعتقالات والاحتجازات القسرية ، والتحقيقات الجارية في الوقت الراهن تثير الشكوك في نزاهة العملية برمتها ، وتبعث على القلق إزاء النتائج التي سوف تنجم عنها ، حيث تغيب شروط وقواعد المحاكمة العدالة ، والتي أساسها حق التمثيل القانوني وحضور المحامين مع الموقوفين ، في مراحل التحقيق والمحاكمة وفي ظل شفافية المحاكمات ، وحيادها ونزاهتها ، وإزالة كل ما يؤدي إلى انتزاع الاعترافات تحت الضغط والإكراه
إننا في المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان نشدّد على ضرورة التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ، والموقّعة على المواثيق الدولية والمصادقة عليها ، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهدين الدوليين ، ولا سيما المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية ، إذ إننا وفي ضوء حالات سابقة عديدة كانت موضع اهتمامنا في المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان نعرب عن قلقنا إزاء ما يجري وبأن ثمة أبعاداً سياسية وليست قانونية/قضائية تقف وراء حملة الاعتقالات الجماعية القسرية تلك
وبالمقارنة بين حالات مكافحة الفساد يظهر أن السلطة التنفيذية هي من تضطلع بملف مكافحة الفساد في الدول الشمولية فيما تتولى المحاكم في الدول الديمقراطية الملف وبصورة كاملة
وعليه ، فإن المجلس يعرب عن خشيته من أن تكون حملة الاعتقالات القسرية الأخيرة وما تلى من حجز الممتلكات الخاصة لعدد كبير من الأمراء والوزراء والتجّار وتجميد مئات الحسابات البنكية تأتي في سياق تصفية حسابات سياسية
وفي ضوء ما سبق ، فإننا نطالب بتدخل المنظمات الدولية المعنيّة ولا سيما المفوضية السامية لحقوق الإنسان و مجلس حقوق الإنسان للمطالبة بكشف ملابسات الحملة ، والتحقّق من التزام السلطات السعودية بأصول وقواعد المحاكمات العادلة و بناءً على مبادئ حقوق الإنسان وأهمها ، الحق في محاكمة المتهم في محكمة عادلة تتوفر له فيها كافة الضمانات
إن غياب دستور مكتوب في المملكة السعودية ، يكفل الحقوق والحريات للأفراد ، ويؤمّن فصلاً تاماً بين السلطات كشرط إلزامي لتحقيق مبدأ الحق المحاكمة العادلة وتوفير قواعدها والضمانات للمتهمين ،الأمر الذي يجعلنا نتوقف عند كل ما يمكن أن تؤول إليه المحاكمات وتبعاتها . وعليه ، ندعو وجوب البدء بإصلاحات سياسية وتشريعية قبل الشروع في معالجة قضايا الفساد والتي هي نتاج طبيعي لافتقار المملكة السعودية لنظام دستوري مكتمل الأركان
جنيڤ
الأربعاء 8/11/2017