الأسباب الحقيقية وراء أحداث العوامية
تُعد المنطقة الشرقية في السعودية إحدى المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية ، إذ تحتوي على غالبية موارد البلاد من احتياطي النفط والغاز الطبيعي ، بالإضافة إلى كونها تقع على الحدود مع جميع دول مجلس التعاون
علاوةً على ذلك ، تحمل المنطقة أهمية ثقافية لافتة لكونها موطن معظم شيعة السعودية ، الذين يمثلون حوالي 10%-15% من تعداد السكان
حيث كانت القوات السعودية قد طوّقت بلدة العوامية المعروفة بسُكَّانها الشيعة - وهي بلدة موجودة منذ 400 عام في محافظة القطيف شرقي المملكة ويقطن بها 30 ألف شخصٍ تقريباً- بحواجزٍ وضعتها أجهزة الأمن حيث أدّت محاولات إخلاء بعض السكان إلى نشوب عنفٍ في العاشر من مايو/أيار الماضي
وجهت الرياض أوامر الإخلاء إلى 6 آلاف أسرة موجودة في المنطقة السكنية المكدسة لحي المسورة ، قبل الشروع في عمليات التطهير، وتدهور الوضع سريعاً في العوامية
ويُفيد السكَّان المحليون بأنَّ 25 شخصاً على الأقل قد قُتِلوا جرَّاء القصف أو برصاص القناصة ، كما تبدو شوارع العوامية المتناثرة بالأنقاض والطافحة بمياه المجاري وكأنها لا تنتمي إلى مدينة خليجية ثرية بالنفط، حيث أن السعودية تدعي "أن أسباب عملياتها القائمة في المسورة هي التجديد والأمن!" حين بدأت عملية التطهير في مايو/ أيار، كما نشرت صوراً براقة لخططها لتجديد المنطقة وبناء منازل جديدة ، وساحات للبيع وحدائق ومواقف للسيارات ، كما عرضت الرياض أيضاً إعادة إسكان الأسر في أماكن أخرى خلال فترة التجديدات! لكن الخطوة الأولى والأولوية القصوى لمشروع القوات السعودية لتطوير العوامية تمثلت في حرمان أهاليها من الملاذ الآمن
كما أنه يَصعُب التأكُّد من صحة أية معلومات آتية من بلدة العوامية ، إذ لا يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بالاقتراب من المنطقة دون مرافقين حكوميين ، ما يعني أنَّ العالم يعتمد في هذا الأمر على وسائل الإعلام الحكومية السعودية الخاضعة لرقابة شديدة ، وعلى المواقع الإخبارية ، والشبكات الاجتماعية في الحصول على أية لمحة عمَّا يحدث هناك
ينظر نشطاء الشيعة وشبكات الإعلام إلى العمليات التي تقوم بها الرياض باعتبارها “حصاراً” لمنازل ومساجد شيعة السعودية
من وجهة نظرهم ، لا تُعد محاولة هدم مباني المدينة القديمة محاولة لمحو التراث الشيعي الثقافي فحسب، بل تذكيراً حاداً بأنّ الرياض هي المسيطرة على المنطقة ، بالإضافة لذلك ، قال النشطاء أن المباني التي يمشطها المسؤولون السعوديون ليست جميعها خالية من السكان
والجدير بالذكرأنّ العوامية هي أيضاً موطن نمر النمر، وهو رجلُ دينٍ شيعي مُؤثِّر أعدمته السعودية العام الفائت، 2016 وأشعلت وفاته احتجاجاتٍ عالمية
وفي مايو/أيار الماضي، أدانت منظمة الأمم المتحدة خطط إعادة التطوير المذكورة ، متهمة السلطات بمحاولة إخلاء السكان قسراً من العوامية دون تقديم خياراتٍ ملائمة لإعادة تسكينهم في المقابل ، ضمن عملية تهدِّد “بإحداث ضرر دائم بالتراث التاريخي والثقافي للبلدة”