تقرير حقوقي صادم يكشف تفاصيل تعذيب “صفوة الإمارات”.. فما قصة “التوابيت” و”التعذيب الأبيض”
انتقد تقرير حقوقي صادر عن المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، أوضاع معتقلي الإمارات السياسيين والمساجين في سجون جهاز أمن الدولة.
وأشار تقرير المركز الحقوقي الذي يتخذ من جنيف مقراً له، إلى أن السجون الإماراتية “تخلت عن وظيفتها في إصلاح المساجين وتأهيلهم ومرافقتهم من أجل إعادة إدماجهم، كلّما تعلّق الأمر بالسجناء من المعارضين والناشطين حقوقيا”.
وأوضح التقرير أن ما يقع في سجون الإمارات من تعذيب أو عقوبة لا إنسانية أو مهينة أو حاطّة من الكرامة وباقي الانتهاكات الجسيمة، بشكل علني كان أو سريّ، يقطع بالتباعد بين ما تصرّح به سلطات الدولة، وما يقع على أرض الواقع.
واتهم المركز السلطات الإماراتية بخرق المبادئ والقواعد ذات الصلة بالاحتجاز أو السجن، مشيراً إلى أن الإمارات تتجه بالتشديد على السجناء من المعارضين والناشطين الحقوقيين والمدونين، وفيهم خبراء ومحامون وأكاديميون وقضاة سابقون، وغيرهم من النخب الذين يقبعون في السجون ، بعد مخاطبتهم رئيس دولة الإمارات بالمبادرة بإصلاحات سياسية، والتمكين للحقوق والحريات.
وحول الإطار التشريعي الخاص بالسجون وبمعاملة السجناء بالدولة، قال التقرير: “على خلاف عديد الدساتير لم تبادر السلطات الإمارتية بإدراج حقوق السجين بشكل مباشر والضمانات المخوّلة له ضمن دستور الإمارات العربية المتحدة”.
كما أشار إلى غياب الإشراف القضائي المستقل والنزيه على المنشآت العقابية، فقد “اختارت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة جعل المنشآت العقابية تحت سلطة وزارة الداخلية وذلك عملاً بالمادة الرابعة من قانون المنشآت العقابية وهو الأمر الذي يضاعف في مخاطر انتهاك حقوق المساجين خاصة وأنّ وزارة الإشراف هي وزارة أمنية تميل وتجنح نحو التعامل الأمني مع المساجين بعيداً عن التعامل الإنساني وعدم النيل من كرامة المسجون”.
وحول انتهاك السلطات المسؤولة عن السجون بالإمارات لحقوق السجناء، قال المركز إن “من أهم الانتهاكات التي تطال المعتقلين والسجناء وخاصة منهم المعارضين الإصلاحيين والمدافعين عن حقوق الإنسان هي نقلهم واحتجازهم بمراكز احتجاز سريّة ودون قرار قضائي يقضي بذلك كما دون إشعار لذوي المعتقل بمكان اعتقاله وهو ما يمثل جريمة طبق الفصل 240 من قانون العقوبات الإماراتي والذي أكّد على أنّه ” يعاقب بالحبس كلّ موظف عام أو مكلف بخدمة عامة قبض على شخص أو حبسه أو حجزه في غير الأحوال التي ينص عليها القانون “.
كما يمثّل الاحتجاز لمعتقلين في مراكز احتفاظ وسجون سريّة بعيداً عن الرقابة القضائية المستقلة والنزيهة وعن عائلات المعتقلين ومنظمات المجتمع المدني جريمة الاختفاء القسري طبقاً لأحكام الاتفاقية الأممية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي لم تنضمّ لها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى هذا التاريخ وذلك حتى لا تسأل بأحكامها.
وبين أنه بمطالعة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة نجد حظراً صريحاً للتعذيب فلقد حجرت المادة 26 من الدستور تعريض ” أي إنسان للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة ” كما منعت المادة 28 من الدستور:” إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً.”
كما تأخّرت سلطات دولة الإمارات في الانضمام إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة في يوليو 2012 والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1984 وذلك في يوليو 2012.
كما سبق للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن كشف عن بعض أسماء الموظفين الذين يمارسون التعذيب ويسيئون معاملة المعتقلين بسجن الرزين ومنهم من تعمّد بمعية غيره من أفراد السجن بتقييد المعتقلين من الأرجل والأيدي من الخلف بقيود حديدية وهو ما آلمهم وأوجعهم وترك ضرراً وأثراً على أيديهم وأرجلهم.
وخالفت السلطات السجنية بدولة الإمارات بذلك مقتضيات المادة 33 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي أكدت على انّه:” لا يجوز أبداً استخدام أدوات تقييد الحرية كالأغلال والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب “.
وذكر المركز أن سلطات السجون بدولة الإمارات العربية المتحدة، تعمد كتدبير عقابي، وضع معتقلي الرأي بزنزانات انفرادية شبّهها البعض بالتوابيت من شدّة الضيق وشدة الحرارة، رائحتها كريهة وتنقصها التهوية وهو ما جعل البعض يصف الحبس الانفرادي بسجون الإمارات العربية المتحدة ” بالتعذيب الأبيض ” وهو ضرب من ضروب التنكيل والتشفي من معتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين من أجل دفعهم للانهيار العصبي والاكتئاب.
ويمنع عن المسجونين بالسجن الانفرادي الزيارة والاتصال بالعالم الخارجي ويحرمون من المصحف والجرائد والأوراق والأقلام كما يحرمون من حق التفسّح في الهواء الطلق.
مطالب حقوقية
ودعا المركز إلى الإفراج دون تأخير عن كلّ الذين تحتجزهم دولة الإمارات في سجونها والذين طالبوا سلمياً بالإصلاح وبتوطين حقوق الإنسان والحريات الأساسية داخل دولة الإمارات واحترام المعايير الدولية والإعلانات الحقوقية ذات الصلة.
وطالب بفتح تحقيق سريع وجاد ومن قبل جهة مستقلة بخصوص ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة داخل سجون الإمارات العربية المتحدة والتي نالت من كرامتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية ومحاسبة كلّ من يثبت تورطه في ذلك للحيلولة دون إفلاتهم من المساءلة والعقاب ومنعا لتكرارها وتمكين ضحايا التعذيب وسوء المعاملة من حقّهم في الانتصاف وجبر ضررهم والعمل على تأهيلهم وردّ الاعتبار لهم.
وأكد على ضرورة مباشرة عملية فرز وغربلة للموظفين القائمين على السجون واستبعاد كلّ من ثبتت إساءته معاملة المساجين وعائلاتهم وانتهاك حقوقهم التزاما بمدونة السلوك لمأموري الضبط القضائي (المادة 18) وبالقاعدة 46 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء:” على إدارة السجون أن تخطط للاختيار بعناية لكل رتبة من رتب المستخدمين بما أنّ الإدارة الصحيحة للمؤسسات تعتمد على نزاهتهم وإنسانيتهم وقدرتهم المهنية وملاءمتهم الشخصية للعمل “.
وطالب بتركيز مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية (مبادئ باريس) يناط بعهدتها زيارة السجون وغير ذلك من مراكز الاحتجاز بشكل مستقل وفجأة ودون سابق إخطار ورصد الانتهاكات التي تطال المساجين والتحقيق حولها وإحالة المسؤولين عن الانتهاكات أمام قضاء مستقل ونزيه ومحايد.
وشدد على أهمية التعجيل بالمصادقة على البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من أجل تخويل اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب من زيارة مراكز الاحتجاز والسجون بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ودعا إلى السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الأممي المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التعذيب والمنظمات الحقوقية الدولية بزيارة سجون دولة الإمارات العربية المتحدة وغير ذلك من مراكز الاحتجاز والإيقاف لمعاينة مدى احترام سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة للمعايير الدولية ذات الصلة وعدم نيلها من كرامة المحتجزين.