INTERNATIONAL COUNCIL
SUPPORTING FAIR TRIAL and
HUMAN RIGHTS

Registration No. : 2795

Follow us

  • rss
  • twitter
  • facebook
  • youtube
  • instagram

ماذا تريد السعوديّة من قضيّة دشتي؟

ماذا تريد السعوديّة من قضيّة دشتي؟

ماذا تريد السعوديّة من قضيّة دشتي؟

غالب قنديل

12 آب 2016

ليست المحاكمة التي جرت للبرلماني الكويتي الدكتور عبدالحميد دشتي حدثا عارضا في الدول الخليجية الوحيدة التي تعيش في ظل نظام برلماني وتعدد سياسي منذ عقود تعززه هوامش واسعة من الحريات الصحافية والإعلامية.

الادعاء على دشتي من قبل السفارة السعودية بني على تصريحات صحافية وإعلامية أدلى بها النائب الكويتي وهي تدخل ضمن نطاق حرية الرأي التعبير والقضية إنها قضية رأي  بوضوح فما قاله دشتي عن التورط السعودي في سورية والعراق واليمن والبحرين يقوله سياسيون وإعلاميون وبرلمانيون في جميع انحاء العالم وأحيانا بلغة أشد قسوة بما في ذلك منظمات دولية لحقوق الإنسان تحمل القوات السعودية مسؤولية عمليات إبادة وجرائم ضد الإنسانية في اليمن وتضغط على الإدارة الأميركية لوقف شحنات السلاح وصفقات القنابل التي تستعمل في قصف الأهداف المدنية.

لأنه كويتي وخليجي ينتقد المملكة وحروبها في المنطقة حكم على الدكتور دشتي بعد نزع حصانته وبفعل ضغط سعودي ثقيل على حكومة الكويت التي دفعت سلطاتها إلى ارتكاب سابقة تمس بالنظام البرلماني وبحريات التعبير التي تمسكت بها وتفاخرت بتقاليدها امام العالم لكن الحذر من الغضب السعودي وعواقبه فرض عليها الاستسلام والمفارقة انه وفي الكويت يسرح ويمرح سلفيون تكفيريون يساندون جماعات التكفير في سورية والعراق جهارا وقد أرسلوا تبرعات مالية وبعثات من الشباب الذين حاربوا في صفوف داعش والقاعدة بدعم سعودي وكان في عدادهم نواب لم يلقوا ما لاقاه دشتي من حملات ودعاو فلم تتخذ أي تدابير حكومية لتقييد انشطة هذه الجماعات المتطرفة على الرغم من جريمة تفجير مسجد في العاصمة نفذها قادمون من الرياض تابعون لعصابات الإرهاب وحركت تداعيات أقرب للنفير الوطني خوفا من الفتنة.

ديموقراطية الكويت مهددة بسيف التدجين السعودي اليوم لأنها مصدر إزعاج لحكومة الرياض حيث تعيش المملكة السعودية حالة من القلق الشديد على وضعها الداخلي وما يمكن ان يهزه من تداعيات ونتائج بفعل الحروب التي تخوضها على مستوى المنطقة وما يقود إليه الفشل المتواصل لتلك المغامرات الجارية عبر دعم الإرهاب وتمويله ومن خلال شن حرب إبادة شاملة في اليمن وقيادة المملكة لأوسع عملية قمع وترهيب في جارتها الصغيرة البحرين وشعبها المسالم وحربها بالواسطة على سورية والعراق.

التوتر والذعر من مخاطر العدوى عكسته المسارعة السعودية إلى احتلال البحرين تحت «يافطة» قوات درع الجزيرة عندما لمحت القيادة السعودية احتمال تسليم حكومة البحرين بالتفاوض على تسوية سياسية مع المعارضة تقود إلى الانتقال لنوع من ملكية دستورية وحيث خافت إذا حصل ذلك من اندلاع اضطرابات داخل المملكة بقوة المثال البحريني عبر مبادرة جموع ضخمة إلى التظاهر السلمي المتواصل لانتزاع مثل هذا التغيير الذي يدعو إليه ويتمناه ويحلم به العديد من أبناء شبه الجزيرة العربية تتقدمهم جماعات معارضة سرية وتعبر عنهم حالات متزايدة من آلاف الشباب المتمرد على مواقع التواصل الاجتماعي لا تقل جذرية في تطلعاتها عن جماعات معارضة منفية في الخارج تضم اكاديميين ومثقفين يطالبون بالحريات العامة وبإصلاحات اقتصادية واجتماعية واسعة وليسوا بعيدين عن فكرة الملكية الدستورية في بلد يعيش تحت نير نظام ملكي مطلق وفي جو من التعتيم والقمع الداخلي وحيث يحدق به خطر مستمر من انتشار الجماعات الوهابية المتطرفة التي احتضنتها المملكة لتصدرها إلى العالم في خدمة السياسات الأميركية منذ أربعين عاما وهي اليوم تستشعر خطر ارتدادها الداخلي في حين شكلت العمليات العسكرية اليمينة في مناطق نجران وجيزان وعسير مصدرا لتداعيات داخلية مكتومة وامتدادا لنيران الحرب التي أشعلتها السطات السعودية ضد الشعب اليمني.

في هذا المناخ تعيش الأسرة السعودية الحاكمة حالة من الانقسام والصراع على السلطة منذ سنوات وهي تبدي ردود فعل انفعالية عنيفة اتجاه أي انتقاد او اعتراض على سياستها من الداخل والخارج على السواء ولا سيما من جوارها الخليجي وتصبح ردود الفعل السعودية أقوى وأشد توترا مع الوقت.

الكويت الجارة هي الشريكة التي سايرت المملكة السعودية من زمن بعيد وحرصت على عدم إغضابها ورغم ذلك احتفظت بقدر كبير من الاعتدال والعقلانية في تعاملها مع سائر الملفات الإقليمية التي باتت أسيرة الرعونة والنهج العدائي السعودي فقد حافظت الكويت على مواقف مقبولة في الموضوع السوري كما تقدمت كوسيط في الحرب اليمينة وهي قدمت نموذجا من الهدوء والعقلانية في الموقف من إيران.

قضية البرلماني الدكتور عبدالحميد داشتي هي عنوان لحملة سعودية غايتها النهائية إلغاء خصائص الديمقراطية الكويتة التي تميزت بتقاليد برلمانية عريقة وبمساحة وافرة من الحريات الإعلامية ليس ردا على تصريحات دشتي «المزعجة» بل لأن النظام الكويتي وفق النظرة السعودية يتيح هوامش للإزعاج تريد الرياض القضاء عليها وبالتالي تدجين النموذج الكويتي وتعقيمه ليصبح التعايش معه .