بعض من الديمقراطية وشيء من السيادة - ماجد العلي
حاول قدر جهدنا ان نجد ما يمكن ان يفتخر به مجلس الامة الكويتي الذي انفض دور انعقاده امس. والحق يقال ان كل ما فعله لصالح الشعب الذي يمثله تمحوه مسألة واحدة في غاية الاهمية من حيث الدلالة والمضمون، وهي التسابق في رفع الحصانة عن النائب عبد الحميد دشتي التي اكملت ال 14 مرة في دور انعقاد واحد وكلها بطلبات ودعاوى خارجية بعضها يتم تكييفه ليبدو انه بطلب من جهة محلية. لكن هذا الامر لم يمر على احد حتى على خصوم النائب.
نحن هنا لا نستغرب الدعاوى والشكاوى التي قدمت من السعودية التي يضيق صدرها من كلمة حق، وهي التي تحز رقاب شعبها بسبب مثل هذه الكلمة. كما ان العالم اجمع سواء كانوا من حلفاء السعودية او منتقديها انتهى بهم الامر الى تصنيفها بأنها دولة تصنع وتصدر وتمول الارهاب الاسود في كل بقاع الارض، اضافة الى وضعها كخطوة اولى على القائمة السوداء لقتلها اطفال اليمن، والخطوات الباقية على الطريق بعد ان اجمعت كل المنظمات الحقوقية والانسانية على ان هذه الدولة يجب ان تطرد من المحافل الدولية التي لم تعد تقبل بجلوس من لطخت ايديهم بالدماء في قاعاتها.
هذا الامر نكاد نقول انه مفروغ منه مهما حاولت السعودية محو آثار جرائمها التي ارتكبتها في المنطقة وعواصم اوروبا والتي سيرتكبها وحشها الذي اطلقته ولم يعد بإمكانها اعادته لأن الفكر الوهابي كالوباء يتغير ويتكيف ويأخذ اشكالاً جديدة.
و"الشرهة" كما يقول الكويتيون ليست على السعودية او غيرها بل على نواب مجلس الامة الكويتي الذين دخلوا قاعة عبد الله السالم " ابو الدستور " ومؤسس المجلس الذي جعل فيه السلطة للشعب. ولقد تعودنا منذ اول مجلس امة وعندما يطلب من الحكومة الكويتية طلب او موقف ما انها تبلغ الدول ان لديها مجلس امة وعليها ان تعود اليه من منطلق ان نظامها الديمقراطي يفرض عليها ذلك، وبهذا تخرج الحكومة نفسها من الاحراج. لكن تلك الدول "دلت الطريق" كما يقول المثل واوصلت الى المجلس من يعملون لها، وبالتالي يحصلون على ما يريدون.
ولأن ممثلي الشعب الحاليين من المرجفين المستميتين طوعاً او خوفاً او تخوفاً من الغضب السعودي، وهو في حقيقة الامر ليس سوى " فزاعة " بوجود عالم متقدم لن يسمح بحدوث ما يخشى منه البعض فهو جاهز لتلقين اي دولة تفكر بالاعتداء على الكويت الدروس وهو العالم الذي بدأ يهز العصا منذ فترة وخصوصاً بعد حرب اليمن التي وعدت السعودية انها ستحقق اهدافها فيها خلال اسابيع.
ان السعودية التي تدرك ان الكويت حفظها الله بمنأى عن اي تطاول احمق كما فعل صدام تستخدم ادواتها في مجلس الامة، وتتمادى اكثر لفرض وصاية بطريقة غير مباشرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وقد تحول سفيرها من المهمة التمثيلية الى المهمة التغييرية. وهذا الامر ليس غائباً عن حكماء البلد الذين يتبعون استراتيجية الصبر وما يتطلبه من استرضاءات مؤقتة كالتضحية بنائب مثل دشتي او بناشط حر تزج به في السجن.
لكن اذا اراد مجلس الامة ان يبقي على شيء من ماء الوجه كان عليه ان يتبع ما يسمى بسياسة المناورة باللجوء الى الدستور على الاقل، اولاً لتوفير اجابات دستورية وقانونية، وثانياً للحفاظ على كرامته. فهل هذا كثير على نواب يفترض فيهم انهم مستقلون!؟
سوف يندم الكثيرون من اهل الكويت من انحناءاتهم امام التدخلات الخارجية لأنهم سيكتشفون انهم فرطوا بوطنهم ولكن بعد فوات الاوان.