البحرين: هل تمكنت وحدة التحقيق الخاصة من إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب؟
البحرين: هل تمكنت وحدة التحقيق الخاصة من إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب؟
توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق خلصت إلى ارتكاب قوات الأمن البحرينية انتهاكات عديدة وممنهجة ضد المعتقلين والمتظاهرين. وقد نصت التوصية رقم 1716 على “وضع آلية مستقلة ومحايدة لمسائلة المسؤولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوي المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ “مسؤولية القيادة” عليهم وفقاً للمعايير الدولية”. فتم بناءً على ذلك، في 27 فبراير 2012 إنشاء وحدة التحقيق الخاصة للتحقيق في قضايا الوفيات والتعذيب وإساءة المعاملة.
يشيد المسؤولون في الحكومة بإنجازات الوحدة في تحقيق أهدافها في التحقيق في الانتهاكات وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب. في مقابلة مع رئيس وحدة التحقيق الخاصة نواف حمزة قال أن الوحدة أحالت “70 شرطياً للمحاكم المختصة، بدءاً من إنشائها قبل 3 أعوام حتى اليوم، من بينهم 15 ضابطاً و55 فرداً، وقد نسبت إليهم الوحدة فيها تهماً مختلفة ما بين التعذيب والضرب المفضي إلى الموت والاعتداء على سلامة جسم الغير والسب.” مؤكداً أن هذه الأرقام تشكل “إنجازاً ودليلاً دامغاً على استقلالية الوحدة.”
لكن بالنظر إلى القضايا التي حققت فيها وحدة التحقيق الخاصة وأيضاً الأحكام الصادرة ضد المسؤولين من قوات الأمن، نرى أن التصريحات الصادرة بشأن إنجازات الوحدة تخالف تماماً الوضع على أرض الواقع.
نجد أن الأحكام الصادرة ضد أفراد قوات الأمن المتهمين بالتعذيب أو القتل أو كليهما، تكون إما حكم ببراءة أفراد الأمن أو أحكاماً مخففة جداً مقارنة بحجم التهم. في نوفمبر 2016، تعرض حسن مجيد الشيخ (36 عاماً) للتعذيب على يد قوات الأمن في سجن جو المركزي والذي أفضى لموته. برأت المحكمة ثلاثة من رجال الأمن المتهمين وخففت حكم ثلاثة آخرين لسنتين سجن فقط. بحسب مركز البحرين لحقوق الإنسان حكمت المحكمة في شهر مارس 2016 على ما لا يقل من خمس حالات لضباط متهمين بضرب وتعذيب معتقلين وكانت الأحكام لا ترقى لمستوى جرائمهم. أعطى المركز أمثلة على ثلاثة حالات حكم في قضيتين على ضابطين مسؤولين بتعذيب معتقلين والتسبب في إصابتهما بالبراءة وفي قضية ثالثة كان الحكم فيها ثلاثة أشهر فقط. وتعتبر هذه أمثلة على عشرات القضايا والأحكام المماثلة.
مؤخراً، أصبحت قضية ريحانة الموسوي مثالاً آخر لعدم الاستقلالية الكاملة لوحدة التحقيق الخاصة من السلطات الأمنية. تم الإفراج عن ريحانة بعد قضائها 3 سنوات في السجن بسبب تهم ذات دوافع سياسية. كانت قد قدمت أثناء اعتقالها أكثر من شكوى بتعرضها للتعذيب، كما نشرت تفاصيل ما تعرضت له عدة منظمات محلية وأخرى دولية، ولكن لم تتخذ السلطات أي إجراء بشأن هذه المزاعم. بعد الإفراج عنها، توجهت ريحانة لوحدة التحقيق الخاصة لتقديم شكوى أخرى بعد أن كانت قد قدمت شكوى في عام 2013. أمرت الوحدة بإجراء فحص طبي. صرح محامي ريحانة أنهم لم يستلموا تقارير من الوحدة بنتائج الفحوصات وأنه لا جدوى من الفحص بعد مضى سنوات وزوال الآثار المادية. وقد أخبرت ريحانة الوحدة بأنها “لا زالت تعاني من فقدان سمع جزئي في اذنها اليسرى وضعف في البصر وتتعرض لحالات من التشنج فضلا عن الحالة النفسية التي تمر بها نتيجة التعذيب وسوء المعاملة خلال فترة اعتقالها.” ولكن أصدرت الوحدة بياناً بأن “التقارير تثبت عدم معاناة ريحانة الموسوي من أية إصابات جسدية أو آثار نفسية للتعذيب.“
مع غياب تقارير عن عمل وحدة التحقيق الخاصة تتسم بالشفافية– وتشمل تفاصيل عن القضايا والانتهاكات ونتائج القضايا – لا يمكن الجزم بفعالية الوحدة. على العكس المعلومات المتوفرة والحالات المعلن عنها، تشير إلى فشل وحدة التحقيق الخاصة في تحقيق أهدافها، أهمها إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.