الخارجية الأميركية ترصد في تقريرها السنوي حالة حقوق الإنسان في البحرين للعام 2015
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية في 13 أبريل / نيسان 2016 تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم للعام الماضي 2015، رصدت خلاله انتهاكات حقوق الإنسان في مختلف دول العالم بينها البحرين.
وأشار التقرير في الجانب المتعلق بالشأن البحريني إلى مشاركة حوالى 52 في المئة ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، فيما كان الإقبال منخفضاً في مناطق المعارضة إثر قرار مقاطعة الانتخابات من أبرز الجمعيات السياسية المعارضة لعدم ثقتها في النظام الانتخابي، كما لم تسمح الحكومة بمشاركة مراقبين دوليين في مراقبة الانتخابات.
ورأى التقرير الذي يصدر بشكل سنوي، أن من أبرز المشاكل الحقوقية في البحرين وأكثرها جدية هي قدرة المواطنين المحدودة في مساءلة الحكومة؛ وعدم مراعاة الأصول القانونية في النظام القضائي؛ بما في ذلك الاعتقالات دون إذن قضائي أو تهم والاحتجاز لفترات طويلة، والتي تمارس في الغالب ضد المعارضين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان؛ إضافة إلى القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع.
وتطرق التقرير إلى جانب انعدام المساءلة القضائية إلى ضباط الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان؛ وعدم تمكن المتهمين من الاتصال بمحاميهم أو الاعتراض على الأدلة؛ واكتظاظ السجون؛ انتهاك الخصوصية، وغيرها من القيود على الحريات المدنية، بما في ذلك حرية الصحافة وتكوين الجمعيات. وأشار التقرير إلى استمرار التمييز الاجتماعي على أساس طائفي ضد فئة من السكان.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها إن «حكومة البحرين فرضت في بعض الأحيان حظراً للسفر على نشطاء سياسيين بالتزامن مع توجيه تهم تفضي للاعتقال، وأسقطت الجنسية عن 31 فرداً كانت قد ألغت جنسيتهم في سنوات سابقة، كما أسقطت جنسية 72 فرداً لم يرتكبوا أي جريمة»، على حد قولها.
وأشارت الوزارة في تقريرها إلى أنه «منذ بداية العام 2011 شهدت البحرين فترة طويلة من الاضطرابات، شملت احتجاجات واسعة تطالب بالإصلاح السياسي، وفي الفترة من فبراير/ شباط إلى أبريل/ نيسان من ذلك العام لقي حوالى 35 شخصاً مصرعهم بينهم رجال شرطة نتيجة تلك الاضطرابات».
وقالت إن «حكومة البحرين اتخذت خطوات لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب التي حددها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، المكلفة بالتحقيق في دعاوى ضد رجال الأمن، وعنف المحتجين والمتظاهرين، والاعتقالات، وحالات الاختفاء والتعذيب التي حدثت في وقت سابق من ذلك العام»، موضحةً أن الإجراءات تضمنت ملاحقة بعض الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون المتورطين بارتكاب انتهاكات، وتغيير الإجراءات لجعل موظفي إنفاذ القانون تحت المساءلة عن أفعالهم، وتصوير المقابلات الرسمية مع المعتقلين.
وبيّن التقرير أن حكومة البحرين أنشأت أمانة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية، ووحدة خاصة للتحقيقات في النيابة العامة، وموّلت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ودعمت مفوضية حقوق السجناء والمعتقلين، فيما اعتبرت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تقرير لجنة تقصي الحقائق معياراً لقياس الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان في البلاد، وأشاروا إلى أن الحكومة لم تنفذ توصياته بالكامل، لا سيما تلك المتعلقة بالمصالحة، وحماية حرية التعبير، ومحاسبة المسئولين عن الانتهاكات.
الحرمان التعسفي أو غير القانوني من الحياة
وقال التقرير: «على النقيض من العام 2014، لم ترد تقارير تؤكد ارتكاب قوات الأمن الحكومية أية عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية»، وإنه في مايو/ أيار الماضي، تلقى ستة من أفراد وزارة الداخلية، بينهم ثلاثة ضباط رفيعي المستوى، أحكاماً بالسجن تتراوح من سنة إلى 5 سنوات لإدانتهم بضرب المعتقل حسن الشيخ أفضى إلى موته في مركز جو للإصلاح وإعادة التأهيل»، مشيراً في ذات الوقت إلى أن متطرفين يمارسون العنف قادوا عشرات الهجمات ضد رجال الشرطة ومسئولي الحكومة أسفرت عن مقتل ثلاثة من رجال الأمن وإصابة كثيرين آخرين.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الحاطة بالكرامة
ونقل التقرير عن منظمات حقوق إنسان محلية ودولية، وكذلك بعض السجناء السابقين إفاداتهم بوقوع حالات من التعذيب وسوء المعاملة، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة، فيما لم يسجل التقرير حالات اختفاء ذات دوافع سياسية.
وأشار التقرير إلى ما ذكرته جماعات حقوق الإنسان نقلاً عن معتقلين تعرضهم للضرب على أيدي مسئولين أمنيين، ووضعهم في أوضاع مؤلمة، إهانتهم أمام السجناء الآخرين، حرمانهم من النوم والصلاة، إهانتهم على أساس المعتقدات الدينية، وتعرضهم للتحرش الجنسي، بما في ذلك تعريتهم من ملابسهم وتهديدهم بالاغتصاب.
وقال التقرير: «وضع المسئولون بعض المعتقلين في الحبس الانفرادي في درجات حرارة قصوى في بعض الأحيان، سكب الماء البارد عليهم؛ وإجبارهم على الوقوف لفترات طويلة، كما ذكروا أن السلطات منعت بعض المعتقلين من استخدام المراحيض، وحرمانهم من الطعام والشراب، وحرمان السجناء المرضى والمصابين من الحصول على العلاج. وإدعى بعض المعتقلين تعرضهم للترهيب بمركز التحقيقات الجنائية التابع لوزارة الداخلية. لكن أكثر الانتهاكات جسامة حدثت في سجن جو بعد أحداث الشغب في مارس/آذار. أنكرت الوزارة وجود تعذيب وانتهاكات ممنهجة».
الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي
وتطرق التقرير إلى ما ذكره بعض المعتقلين في مركز التحقيقات الجنائية أن مسئولين استخدموا سوء معاملة جسدية ونفسية لانتزاع اعترافات تحت الإكراه أو لمجرد الانتقام والعقاب. ذكرت لجنة حقوق السجناء والمعتقلين أنها شاهدت خلال زيارة لها في ديسمبر/ كانون الأول 2014 لمبنى التحقيقات الجنائية أن مسئولين قاموا بإبقاء بعض المعتقلين مكبلي الأيدي خلال فترة وجودهم بالمنشأة، وتزويدهم بالطعام خلال فترات غير منتظمة، والتضييق عليهم في قضاء حاجتهم.
وأفادت أمانة التظلمات أنها تلقت 84 شكوى ضد إدارة التحقيقات الجنائية و 83 شكوى ضد سجن جو. وذكر محامو الدفاع أن السلطات منعتهم من الحصول على أدلة الفيديو المصورة من جلسات الاستجواب.
وذكرت جماعات حقوق الإنسان - بحسب تقرير وزارة الخارجية الأميركية - تعرض أطفال دون الخامسة عشرة إلى أشكال مختلفة من سوء المعاملة كالضرب والصفع والركل والإساءات اللفظية، وحين زارت لجنة حقوق السجناء والمعتقلين مبنى التحقيقات الجنائية وجدت أن الموظفين غير مدربين للتعامل مع الحالات الخاصة للمشتبه بهم أو من هم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة.
ظروف السجن ومركز الاحتجاز
وتحدث التقرير عن إفادات ناشطين حقوقيين بشأن ظروف الأوضاع في السجون ومراكز الاحتجاز قاسية، ففي العام 2014 كان عدد السجناء في سجن جو 2626 سجيناً أي ما يعادل ضعفي القدرة الاستيعابية للسجن، وفي أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام أفادت وزارة الداخلية أنها فتحت أربعة مبان جديدة خلال العام رافعةً القدرة الاستيعابية إلى 2337، وتقدر منظمات حقوق الإنسان أن بين المعتقلين حوالى 200 إلى 240 شاباً في سن المدرسة.
ذكرت الحكومة أن هناك 11 حالة وفاة بين السجناء من مايو/آيار 2014 إلى مايو 2015، ذكرتها أمانة التظلمات في تقريرها السنوي على النحو التالي: 4 حالات بسبب تعاطي جرعات زائدة من المخدرات، واثنتان نتيجة المرض، وحالتا انتحار، وواحدة قيل أنها لأسباب طبيعية، وحالة وفاة أخرى لا يزال التحقيق فيها جارياً، إضافة لحالة المعتقل حسن الشيخ الذي تعرض للضرب المفضي إلى الموت في سجن جو.
وبين التقرير أنه «لا توجد مرافق خاصة بالمعاقين في سجون ومراكز الاحتجاز، وذكرت جماعات حقوق الإنسان أن ذوي الاحتياجات الجسدية والعقلية لا يحصلون على الرعاية إلا من رفاقهم».
وتطرق التقرير إلى ما شهده العاشر من مارس/ أذار 2014 عندما «شارك المئات من السجناء في أعمال شغب داخل سجن جو، ما استدعت على إثره إدارة السجن القوات الخاصة للتدخل، وأسفرت هذه الحادثة عن إصابة 104 نزلاء و 141 شرطياً».
أما فيما يخص الاعتقال والاحتجاز التعسفي، فقد ذكر التقرير عن جماعات حقوقية أن وزارة الداخلية نفذت العديد من الاعتقالات من خلال مداهمة المساكن الخاصة في الصباح الباكر دون إبراز مذكرات اعتقال، لكن مصادر حكومية شككت في هذه الدعاوى.
وقال التقرير إنه في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2014 استدعت السلطات القيادي المعارض الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان لاستجوابه واحتجازه في اليوم التالي بسبب مخاوف حول تصريحات سياسية، وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أكد فريق تابع للأمم المتحدة أن احتجاز السلطات للشيخ علي سلمان هو احتجاز تعسفي.
الحرمان من المحاكمة العلنية العادلة
وقال التقرير نقلاً عن أفادات منظمات حقوق الإنسان وجماعات معارضة إن السلطات استهدفت العديد من هؤلاء المعتقلين بسبب نشاطهم السياسي، فيما تنفي الحكومة وجود أي معتقلين سياسيين، وكان من بين هؤلاء الأمين العام السابق لجمعية «وعد» اليسارية إبراهيم شريف، و الأمين العام لجمعية «أمل» الشيخ محمد علي المحفوظ التي صدر قرار بحلها من قبل السلطات، وفي السابع والعشرين من مارس اعتقلت وزارة الداخلية الأمين العام لجمعية «الوحدوي» فاضل عباس على خلفية تغريدة انتقد فيها التدخل العسكري في اليمن.
الانتهاك التعسفي لخصوصية الأفراد وأسرهم ومنازلهم ومراسلاتهم
وقال التقرير إنه «على الرغم من أن الدستور يمنع مثل هذه الأفعال، إلا أن الحكومة انتهكت خصوصيات الأفراد وأسرهم ومنازلهم ومراسلاتهم، حيث أشارت التقارير إلى أن الحكومة استخدمت برمجيات حاسوبية للتجسس على النشطاء السياسيين والمعارضين داخل وخارج البحرين»، مشيراً إلى «توعد مسئولون أمنيون عوائل بعض المعتقلين بالانتقام في حال لم يتعاون المعتقل معهم أثناء الاستجواب، بحسب ما أفادت به جماعات حقوق الإنسان».
حرية التعبير والصحافة
وبيّن تقرير الخارجية الأميركية أن « الدستور البحريني يكفل حرية التعبير، إلا أن الممارسات العملية تحد من حرية التعبير والصحافة من خلال إدانة بعض الأفراد تحت عنوان القذف والتشهير، وقوانين الأمن الوطني التي استهدفت الصحافيين المدنيين، إلى جانب إصدار تشريعات تحد من الكلام في الإعلام المطبوع ووسائل التواصل الاجتماعي».
وقال: «على إثر تلك القيود اعتقل كل من الأمين العام السابق لجمعية «وعد» إبراهيم شريف بتاريخ 11 يوليو/ تموز، والناشطة النسائية غادة جمشير بسبب تغريدات حول الفساد، إضافة إلى زينب الخواجة التي تقضي حكماً بالسجن 3 سنوات وغرامة قدرها 3000 دينار.
وتطرق التقرير إلى أما يتعلق بحرية الصحافة، وذلك عندما أصدرت هيئة شئون الإعلام في السادس من أغسطس/ أب قراراً بوقف صحيفة «الوسط» المستقلة، بحجة «استمرارها في بث الأخبار التي من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية وعلاقة المملكة بالدول الأخرى»، لتستأنف الصحيفة صدورها في الثامن من أغسطس.
وقال التقرير: «أصدرت الحكومة أحكاماً بسجن العديد من الصحافيين والمدونين في العام 2014 على خلفية ما يكتبونه في وسائل الإعلام الاجتماعي، كما حظرت دخول العديد من الكتب للبلاد وصادرتها، منها كتاب الجمعيات والمنظمات السياسية في البحرين للكاتب عباس المرشد، وكتاب المذكرات الشخصية للمستشار تشارلز بلجريف «كراهيات منفلتة» للكاتب نادر كاظم.
حرية الإنترنت
ورأى التقرير أن حكومة البحرين فرضت قيوداً على حرية الإنترنت ومراقبة أنشطة الأفراد على الشبكة العالمية، بما في ذلك الإعلام الاجتماعي، وبناءً على ذلك اتخذت إجراءات قانونية وعقابية ضد بعض مستخدمي الإنترنت.
ففي الثاني من أبريل اعتقلت الشرطة رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب بسبب تغريدات له انتقد فيها الحرب التي تقودها السعودية على اليمن ومعاملة السجناء في سجن جو وقامت باحتجازه للتحقيق، وقد أصدر الملك عفواً عن نبيل رجب بتاريخ 12 يوليو وأفرج عنه، لكن ما يزال ممنوعاً من السفر خارج البلاد.
الحريات العامة
وقال التقرير إنه «رغم أن الدستور ينص على حق التجمع إلا أن القانون يفرض قيوداً لممارسة هذا الحق، فالحكومة تتحكم في خروج التجمعات ولا تمنحها رخصة لتنظيم المسيرات منذ ديسمبر من العام 2014، كما تفرض قيوداً على تكوين الجمعيات فهي لا تسمح بتشكيل جمعيات سياسية إلا أنها تسمح للجمعيات المسجلة بتقديم مرشحيها للأنشطة الانتخابية».
وأشار التقرير إلى أنه في العام 2013 أصدر رئيس الوزراء قراراً باتخاذ الإجراءات ضد «المنظمات غير المرخصة والتي تحرض على الإرهاب وتزرع الطائفية»، وعلى إثر هذا القرار رفعت وزارة العدل دعوى قضائية ضد أعضاء المجلس الإسلامي العلمائي الذي حل لاحقاً.